بعد تصدي البيت الأبيض.. استكشاف أصول قضية العنصرية بين السود والبيض

كتب- محمد شاكر:
شهد البيت الأبيض مواجهة حادة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، بعدما وجه ترامب اتهامات قوية لحكومة جنوب أفريقيا بشأن اضطهاد الأقلية البيضاء ومصادرة الأراضي، وادعى وجود “إبادة جماعية” للمزارعين البيض.
من جانبه، نفى رامافوزا هذه الاتهامات مؤكدًا أن جنوب أفريقيا دولة ديمقراطية تحترم حقوق جميع مواطنيها، وأن الجرائم في البلاد ليست موجهة ضد مجموعة عرقية معينة.
وفيما يلي نستعرض جذور قضية العنصرية بين البيض والسود، على المستوى الثقافي تاريخيًا.
تاريخ العنصرية
العنصرية واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية تعقيدًا وتأثيرًا على المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية، خاصة في المجتمعات التي عانت من تاريخ طويل من التمييز العرقي، مثل الولايات المتحدة وأوروبا وجنوب أفريقيا.
تعود جذورها بين البيض والسود إلى حقبة الاستعمار الأوروبي وتجارة العبيد عبر الأطلسي (القرن 15-19)، حيث تم استعباد ملايين الأفارقة ونقلهم قسرًا إلى الأميركتين، مما خلق نظامًا طبقيًا قائمًا على العرق.
وفي دول مثل الولايات المتحدة، صدرت قوانين جيم كرو، كما صدر في جنوب أفريقيا نظام الأبارتايد، مما أدى إلى ترسيخ التمييز قانونيًا، وتأثيره على الثقافة المجتمعية لقرون.
أسباب تفاقم الأزمة
لعبت وسائل الإعلام والأفلام والبرامج التلفزيونية دورًا في تعزيز الصور النمطية عن السود (مثل المجرمين أو الخدم)، بينما صُورت الطبقة البيضاء غالبًا كأصحاب سلطة أو نخبة. كما ساهمت بعض الأعمال الفنية والأدبية في تكريس العنصرية، في حين حاولت أخرى فضح الظلم.
وفي الفنون، نشأت موسيقى مثل البلوز والجاز والهيب هوب، كتعبير عن معاناة السود ومقاومتهم للعنصرية.
وفي بعض عناصر الثقافة الأفريقية-الأمريكية، مثل اللباس أو اللهجات، تم تبنيها من قبل الثقافة السائدة، أحيانًا دون تقدير لأصولها.
وحتى اليوم، يعاني السود في بعض المجتمعات من نقص الفرص في التعليم والرعاية الصحية بسبب عنصرية هيكلية.
حركات المقاومة والتغيير
قاد مارتن لوثر كينغ في الستينيات حركة الحقوق المدنية، وحققت مكاسب قانونية، لكن العنصرية الثقافية استمرت.
كما ركزت حركة “حياة السود مهمة”، وهي حركة حديثة، على العنف الشرطي وعدم المساواة.
ويرى المحللون أن القضية ليست مجرد صراع بين “أبيض” و”أسود”، بل هي نتاج نظام ثقافي واقتصادي معقد. التقدم يتطلب اعترافًا بالتاريخ، وحوارًا صادقًا، وتغييرًا مؤسسيًا، بالإضافة إلى تمثيل عادل في الثقافة والفنون، والعمل المستمر لتفكيك العنصرية.