تدهور الصحة النفسية يُمكن أن يكون مؤشراً مبكراً على ظهور الألم الجسدي

أظهر بحث حديث أن تدهور الصحة النفسية قد يكون مؤشراً مبكراً للإصابة بالألم الجسدي لاحقاً. وكشفت الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من آلام معتدلة إلى شديدة في منتصف العمر وما بعده غالباً ما يكونون قد مروا بفترة من تزايد أعراض الاكتئاب والوحدة تمتد لثماني سنوات قبل ظهور الألم، وفقاً لميديكال إكسبريس.
اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات 7336 مشاركاً، نصفهم يعاني من ألم، والنصف الآخر لا يعاني منه، من دراسة طويلة الأمد تمتد لاثنتي عشرة سنة.
وأظهرت النتائج نمطاً زمنياً واضحاً، حيث تتصاعد أعراض الاكتئاب بشكل تدريجي قبل ظهور الألم، وتصل إلى ذروتها مع بداية الشعور به، ثم تستمر في مستويات مرتفعة. بينما ظلت هذه الأعراض مستقرة ومنخفضة لدى من لا يعانون من آلام.
ولم تقتصر العلاقة على الاكتئاب فقط، بل امتدت إلى الشعور بالوحدة أيضاً، حيث لوحظ زيادة في مشاعر العزلة الاجتماعية قبل ظهور الألم، مما يثير التساؤل حول دور العلاقات الاجتماعية في الوقاية من الآلام المزمنة.
وأشارت النتائج إلى أن جودة العلاقات، وليس عددها، هو العامل الحاسم، حيث لم يُظهر فرق في مستوى العزلة الاجتماعية الموضوعية بين المجموعتين.
وتوضح قائدة فريق البحث أن هذه النتائج تفتح آفاقاً لفهم العلاقة المعقدة بين الصحة النفسية والجسدية، حيث أن الاكتئاب والوحدة قد يسببان تغييرات فسيولوجية في الجسم مثل زيادة الالتهابات وتغيير الاستجابات المناعية، مما يزيد من عرضة الشخص للألم لاحقاً.
وتُظهر الدراسة أن هذه الظاهرة كانت أكثر وضوحاً بين الأفراد الأقل تعلماً وثراءً، وهو ما يعزى إلى محدودية الموارد المتاحة لديهم للعناية بالصحة النفسية ومعالجة الألم.
وعلى الرغم من أن معظم المشاركين أشاروا إلى أن الألم يتركز في المناطق الظهرية أو الركبة أو الورك أو القدم، إلا أن الباحثين يحذرون من أن النتائج لا تعني أن الاكتئاب يسبب الألم بشكل مباشر، بل تشير إلى علاقة معقدة تستحق مزيداً من الدراسة.
وتفتح الدراسة آفاقاً جديدة في الوقاية من الآلام المزمنة وعلاجها، حيث تقترح أن التدخلات المبكرة لتحسين الصحة النفسية وتعزيز الروابط الاجتماعية قد تكون وسيلة فعالة للوقاية من الألم أو تخفيف حدته، خصوصاً بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.
كما تؤكد على أهمية اعتماد نهج شامل في الرعاية الصحية يعالج الجوانب النفسية والاجتماعية جنباً إلى جنب مع العلاج الطبي التقليدي.