تحقيقات
في العاصفة التي أثارتها واقعة ياسين، أصبحت المدارس المسيحية، وبالأخص مدارس الراهبات، تحت مجهر النقد الحاد.
هي منارات للتسامح والانضباط، تُعلم الطلاب كيف يكونون بشرًا أفضل

بقلم هانى ماضى
في خضم العاصفة التي أثارتها واقعة ياسين، أصبحت المدارس المسيحية، وبالأخص مدارس الراهبات، تحت مجهر النقد الحاد.
البعض يتهمها بالتعصب، وآخرون يرونها تهديدًا للهوية. لكن دعونا نكون صريحين.. هل هذه الانتقادات عادلة، أم أنها مجرد هجوم على نظام تعليمي يُظهر عيوبنا التعليمية بوضوح؟
واقعة ياسين.. ذريعة أم سوء فهم؟
لنبدأ بالفيل في الغرفة.. واقعة ياسين. نعم، أثارت جدلًا، لكن هل يُعقل أن تُختزل عقود من التميز التعليمي في حادثة واحدة؟ هذه المدارس، التي فتحت أبوابها لكل المصريين بغض النظر عن دينهم، ليست معاقل تعصب كما يُروج البعض.
على العكس، هي منارات للتسامح والانضباط، تُعلم الطلاب كيف يكونون بشرًا أفضل، لا مجرد حافظين للمناهج.
الانتقادات التي تُوجه لها غالبًا ما تكون مبالغات تهدف إلى تصفية حسابات أو إخفاء فشل أنظمة تعليمية أخرى.
فلنسمّ الأشياء بمسمياتها.. الحادثة استُغلت لتشويه صورة نموذج تعليمي يُحرج الكثيرين بنجاحه.
مدارس الراهبات ليست مجرد مبانٍ بها معلمات يرتدين زيًا موحدًا.
إنها آلة تعليمية دقيقة تُنتج أجيالًا متميزة، وهذا بالضبط ما يُخيف منتقديها. تخيلوا.. معلمون مدربون باحترافية، مناهج تُدرَّس بإبداع يُشعل العقول، وانضباط يُحول الفوضى إلى نظام دون أن يقتل روح الطالب.
هذه المدارس لا تُخرّج طلابًا فقط، بل قادة يمتلكون الثقة، الأخلاق، والقدرة على التفكير النقدي.
هل هذا ما يُزعج البعض؟ نظام يُظهر أن التعليم يمكن أن يكون أكثر من مجرد تكديس معلومات؟
أضف إلى ذلك، هذه المدارس تُثبت أن التعليم الراقي لا يحتاج إلى ملايين الجنيهات.
بموارد محدودة، تُقدم جودة تفوق كثيرًا المدارس “الراقية” التي تفرض رسومًا خيالية. إنها صفعة لكل من يبرر فشل التعليم بنقص التمويل.
وهنا يكمن الجدل.. إذا كانت مدارس الراهبات ناجحة لهذه الدرجة، فلماذا لا نعترف بأننا بحاجة إلى إصلاح جذري يبدأ من استلهام هذا النموذج؟
تخيلوا لو أن كل مدرسة في مصر تتبنى نظام الراهبات.. انضباط حديدي يُعزز الاحترام لا الخوف، معلمون يُعاملون كمحترفين وليسوا مجرد موظفين، وأنشطة تُنمي المواهب بدلًا من قتلها.
هذا ليس حلمًا، بل نموذجًا موجودًا ومُجرَّبًا. لكن لنكن واقعيين.. تطبيق هذا النظام سيُواجه مقاومة.
لماذا؟ لأنه سيُجبر الجميع على مواجهة الحقيقة.. التعليم في مصر يحتاج إلى ثورة، وليس مجرد ترقيع.
مدارس الراهبات تُثبت أن التعليم الجيد لا يحتاج إلى تغيير الهوية الثقافية أو الدينية.
هي ليست “مسيحية” بالمعنى الضيق، بل إنسانية بامتياز.
القيم التي تُغرسها الصدق، العمل الجماعي، احترام التنوع هي قيم مصرية أصيلة، لكنها تُطبق بطريقة تجعل الطالب يشعر أنه جزء من شيء أكبر.
لو طبقنا هذا النظام على مستوى الجمهورية، لن نرى فقط تحسنًا في التحصيل الدراسي، بل سنُنتج جيلًا يُغير وجه مصر.. واعٍ، منضبط، ومبدع.
إذا كان هناك من يرى في مدارس الراهبات تهديدًا، فليواجه الحقيقة.. التهديد الحقيقي هو الاستمرار في نظام تعليمي متداعٍ يُخرّج أجيالًا غير مؤهلة.
مدارس الراهبات ليست مثالية، لكنها الأقرب إلى المثالية في مصر اليوم.
بدلًا من الهجوم عليها، لماذا لا نسأل.. ماذا لو أصبحت كل مدرسة في مصر بهذا المستوى؟ هذا هو الجدل الذي يستحق أن يُصبح تريند.
فلنجعل #مدارس_الراهبات_للجميع هاشتاج اليوم، ولنبدأ ثورة تعليمية لا تُردد، بل تُنفذ.
هل أنتم معنا، أم ستبقون في دائرة الانتقاد العقيم؟