تقارير
فتح العرب لمصر ألفريد بتلر

شنودة الأمير
سوف نقدم في هذه المقالات مختصرا لما اورده ألفريد بتلر في كتابة الشهير فتح العرب لمصر الذي قام بترجمته محمد فريد أبوحديد
المقال الأول
إن الحوادث التاريخية خطوط واحدة لا تنقطع، فالغزو العربي جزء من أحداث متشابكة أدت إليه، قد يبدأ ذلك بهرقل، بنهاية حكم جستنيان العظيم، هذه النهاية التي واكبتها بوادر الإضمحلال في الإمبراطورية من فساد سياسي وخلقي إلى نكبات طبيعية من أوبئة وزلازل، وخلفه “جستن” الذي انتهى بالجنون، وبعده “تيبريوس” ثم “موريق” الذي تنازل عن الحكم لـ “فوكاس”، الذي حكم حكماً قاسياً فاسداً من 602م، ليقوم ضده هرقل الإبن في 609م، وكان عليه أن يسيطر على الإسكندرية ليضمن نجاح ثورته، فأرسل إليها قائده نيقتاس.
تحرك نيقتاس من إقليم بنطابوليس إلى إقليم مريوط متجهاً إلى الإسكندرية، ولأن فوكاس يعلم تماماً أنه إن خسر مصر خسر الإمبراطورية أرسل الجنود من بيزنطة وانطاكية لتأمين مصر، وكانت جنود سورية بقيادة “بونسيوس”، وبعد معركة عنيفة اجتاح نيقتاس الإسكندرية. وتوالى سقوط المدن المصرية ما عدا أتريب وسمنود اللذان قاوما الثورة معلنين الوفاء لفوكاس، بل أعادا فرض سيطرتهم على مصر السفلى بمساعدة بونسيوس وجنوده.
تحرك بونسيوس صوب الإسكندرية لكنه لاقى هزيمة نكراء شرقي المدينة، وعاد إلى نقيوس، ولكن نيقتاس يعود ليسيطر على مصر السفلى، ويفر بونسيوس إلى القسطنطينية وبذلك تصبح مصر بأكملها تدين بالولاء لهرقل.
تحرك هرقل بطيئاً على سواحل بلاد اليونان من خلال جزائرها حتى بلغ “سلانيك” وجعلها مقراً لأعماله، وبعد مدة من الإعدادات هاجم القسطنطينية بحراً واستولى عليها، وقتل بونسيوس، وتم القبض على فوكاس وقُتل، ويتوج هرقل إمبراطوراً في الخامس من شهر أكتوبر 610م، وتصبح عروسه – المخطوبة آنذاك – إمبراطورة بإسم “أودقيا”.
أصبح نيقتاس نائب الملك في مصر، وبالطبع لاقى الأقباط إنفراجه في بداية حكمه مع قدر من حرية العقيدة بعد الصراعات التي لا تنتهي بين الملكانيين والقبط.
يطرد “بهرام” أحد الثوار كسرى حفيد أنوشراون ملك الفرس العظيم من مملكته، ويستعين كسرى بموريق إمبراطور الروم والذي يعاونه في إستعادة ملكه، ويتزوج كسرى من امرأة رومية مسيحية أيضاً، ولكن عندما يطالب البيزنطيين بأجزاء فسيحة من أراضي الفرس تنقلب الأحوال، وعندما قَتل فوكاس الإمبراطور موريق وعائلته أعطى الحجة التي انتظرها كسرى لإعلان الحرب، وسيطر كسرى على أرمينيا، وظلت حروب أنطاكية بطيئة حتى وصل هرقل للسلطة، واستولى الفرس على أورشليم في السنة الخامسة من حكم هرقل (615م).
يبدأ مسير الفرس نحو مصر في خريف 616م ويتم الإستيلاء على الإسكندرية في 617م، وصنعوا بها العديد من المذابح بخلاف الأسرى الذين اقتادوهم إلى بلاد الفرس. وهنا بتلر يستنطق كتابات المؤرخين ويدقق في الأحداث والأعمال لينفي عن الأقباط شبهة مساعدتهم للفرس أثناء الغزو، وهي التهمة التي دائما ما يرمي بها المؤرخون الغربيون أقباط مصر دون تدقيق أو فحص.
استولت دولة فارس على مدينة خلقيدونية تجاه القسطنطينية وذلك بعدما فرضت سيطرتها على مصر والشام، وفي نفس الوقت كان الآفار يهاجمون المملكة من الغرب، فحاول هرقل طرق أبواب الصلح مع كسرى، ولكن ملك الفرس رفض بقوة إذ هو في وسط انتصاراته المثالية، وفي 622م يبدأ هرقل حربه ضد الفرس وهو نفس العام الذي هاجر فيه محمد إلى يثرب ليبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الإسلام، وفي أول 627م كانت مصر وخلقيدونية قد تحررت من الفرس لتنتهي الحرب بين الدولتين في العام التالي، ويعود هرقل إلى عاصمته مظفراً.
في 629م يحج هرقل إلى أورشليم، وتقريباً تأتيه رسالة من النبي محمد في ذلك التوقيت – البعض يجعلها قبل ذلك التاريخ بعامين – وأيضاً يحاول اليهود أخذ عهد أمان من الإمبراطور خوفاً من ذكرى مساعدتهم للفرس وتنكيلهم بالمسيحيين في ذلك الوقت، وفي هذه الزيارة يُعيد الصليب المقدس أيضاً، الحدث الذي ستحتفل به الكنائس الشرقية والغربية دوما بعد ذلك.. ووسط هذه الأحداث يحاول هرقل أن يوحد الإيمان المسيحي في إمبراطوريته، وفي 631م تقريبا يرسل “قيرس” إلى الإسكندرية بطركاً بأوامر أن يوحد المذهبين اليعقوبي والملكاني.