الجاهلية الحديثة..الخشت يحدد شروط المراجعة الفكرية للعناصر التكفيرية

فهم طبيعة التطرف وأساليب مواجهته
يُعد التطرف ظاهرة معقدة تتجاوز السلوك العنيف، حيث ينبع من بنية عقلية مغلقة ترى العالم من منظور واحد وتسعى لفرض حقائق مطلقة. هو نتاج تراكم أفكار ومعتقدات تؤدي إلى تبرير العنف وتكفير الآخر، مما يهدد وحدة المجتمعات ويسهم في نشر الصراعات والانقسامات.
الخصائص الجوهرية للفكر المتطرف
- اعتناق مفاهيم دخيلة لا أساس لها من الدين الحقيقي، مثل مفهوم “الجاهلية المعاصرة” و”الحاكمية” و”الولاء والبراء”.
- رؤية العالم بشكل ثنائي، إذ يعتقد بوجود فرقة ناجية وأخرى هالكة، مما يعمق من الانقسام والصراع.
- تكرار نفس النموذج العقلي رغم التناقضات بين الجماعات المختلفة، حيث يظل التفكير مغلقاً حتى وإن اختلفت التوجهات.
الأسس البيئية للحاضنات الفكرية المتطرفة
لا تقتصر المشكلة على من يمارس العنف فحسب، وإنما تشمل البيئة الحاضنة التي تزرع وتغذي تلك المفاهيم، سواء كانت تنظيمات أو مؤسسات تكرّس الفكر المغلق من خلال منظومات عقائدية غير صحيحة، مما يساهم في إنتاج جيل من المتطرفين ذوي العقليات المشوهة.
طرق التحول من التطرف إلى التسامح
- التعرض لتجارب مراجعة الذات: مثل الاحتكاك ببيئة فكرية مفتوحة تفتح نوافذ العقل على رؤى وأفكار متنوعة.
- الوعي بالتناقضات الداخلية: إدراك أن الجماعة التي ينتمي إليها الشخص قد تتصرف بشكل يخالف المبادئ الدينية أو القيم التي تدعيها.
- النضج الذاتي وتراكم الخبرة: بداية إعادة تقييم الأفكار مع التقدم في العمر وتراكم التجارب الحياتية.
- التعرض لتجارب عميقة: مثل السجن، حيث يمكن، في بيئة إصلاحية، أن يسهم ذلك في مراجعة الأفكار وتحقيق تحول فكري.
العلاج النفسي والمعرفي للفكر المتطرف
وفقاً لعلم النفس المعرفي، يعاني المتطرفون من “تشوهات إدراكية” قابلة للعلاج باستخدام أدوات معرفية ونفسية. ويؤكد المختصون على أهمية مشاركة أساتذة الفلسفة، وعلم النفس، والاجتماع، في جهود تصحيح الأفكار المتطرفة، وليس رجال الدين فقط.
الضوابط الأساسية لعملية إعادة تأهيل القادة المتطرفين
- تقديم أدلة على تفكيك البنية الفكرية المغلقة بشكل حقيقي.
- الانتقال من خطاب الإقصاء إلى خطاب المواطنة والتنوع.
- عدم إيواء العناصر الإرهابية والمشاركة الجادة في مكافحة الإرهاب.
- تفكيك التنظيمات المسلحة والاعتراف بأن الدولة وحدها تحتكر السلاح بموجب القانون.
- الاعتراف الجماعي بحقوق الأقليات وتأكيد المواطنة المتساوية.
- تعزيز استقلال مؤسسات الدولة لضمان بقاء الدولة، وليس الشخص.
- العدالة الانتقالية التي تنصف الضحايا وتحقق المصالحة المجتمعية.
- تطبيق سياسات واضحة لترجمة التحول الفكري على أرض الواقع.
ختاماً: من التحول الشعارات إلى الواقع العملي
عند الحديث عن التحول الفكري، لا يجب الاقتصار على الشعارات أو النوايا الحسنة، وإنما يتطلب عملاً منظماً وسياسات واضحة تؤكد أن التحول الحقيقي ينعكس في سلوكيات عملية. يجب أن تتم عملية الثقة تدريجياً وبمتابعة دقيقة لضمان بقاء العقل المدني والمنفتح، مع التركيز على العمل المستمر وليس مجرد إعلان نوايا.